الأربعاء، 22 سبتمبر 2010

لكم فكركم ولي فكر



بقلم - أميمه العبادلة:

انتشرت منذ مدة ثقافة قمع الرأي عند محاولة التعبير عن الرأي الآخر.. مشكلة حقيقية أن ندخل في حوار ونقاش جاد مع شخص ما ليتحول الحوار باتجاه المرسل وإغفال المستقبل.. وساهم الإعلام كعادته في تعزيز هذه الظاهرة من خلال البرامج الحوارية كالاتجاه المعاكس.. أو ثقافة برامج الضيف الواحد.. وعادة ما يكون المذيع أو المحاور فيها محايدا.. فيعزز حياده المفتعل تلك الثقافة للأسف..

الرأي الواحد.. والبطل الواحد.. والفكر الواحد.. وثقافة الأنا المستبدة استشرت.. وكلها أمثلة حياتية انعكست على الإعلام وانعكس هو الآخر عليها.. وها هي معاولها لا تمل ولا تكل حتى في سيارات الأجرة بين أشخاص غرباء عن بعضهم البعض.. الجميع أصبح أبو العريف.. والكل يتشبث بظل العناد صائبا كان أو على خطأ.. وانعدمت ثقافة الحوار الراقي بأن يفند كل مزاعمه وأدلته ويترك الخيار للأخر أن يبدي وجهة النظر المقابلة بذات الطريقة.. حتى أن مجرد محاولة استثمار مهارات أحدهم في الإقناع تلاشت.. واستبدل الأمر بفرض الخضوع بحد السيف وأحيانا بالسيف كله..

يعمد البعض للأسف بترديد عبارات خارجة عن إطار الصحة أو المنطق بشكل كامل.. فمثلا قد يعتبر أحدهم أنه لا بد أن يفرض رأيه على الصغير لأنه الكبير.. أو على المرأة لأنه الرجل.. لمجرد تمييز عرقي أو جنسي أو أي كان.. وهذا رأي غير حكيم بتاتا.. بل سيكون له انعكاسات مستقبلية في غاية الخطورة إن لم نتدارك الأمر سريعا..

أين منا اليوم من يفعل فعلة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ومن فوق منبره في خطبته أمام جمع المسلمين ليقول بكل حزم.. أخطأ عمر وأصابت امرأة..؟!!

لا يحق لأحد مصادرة لا الرأي ولا الرأي الآخر.. لكم فكركم ولي فكر.. فحرية الاعتقاد الديني ملك لله فقط.. سنها واهتدينا بها كيفما شاء..

أما حرية الاعتقاد الدنيوي ملك للفرد ذاته تبعا لبحثه وتحليله ولقناعاته الناتجة.. فلا يحق لأي كان إسقاط رأيه على الآخرين أو إجبارهم باعتناقه لا بترهيب ولا بترغيب.. بل كما أسلفت لنا البحث والتحليل ومن ثم الاقتناع بصدق الرؤى وتبني المواقف أو الرفض ببساطة..

إن كان رب السماء والأرض، وربنا رب كل شيء، الخالق، ترك لنا حرية الطريق التي نسلكها.. (إنا هديناه السبيل فإما شاكرا وإما كفورا).. وبعد التذكير والهداية والعلم بالشيء فـ(لا تزر وازرة وزر أخرى).. فكيف بالمخلوق ينكر هذا الحق ويحجبه ويصادره عن غيره أثناء التجادل حول فكر دنيوي يتغير بتغير الزمان والمكان..

لا ننسى قول علي رضي الله عنه: "لا تحملوا أولادكم على عاداتكم فإنهم خلقوا لزمان غير زمانكم".. وما الأولاد إلا أجيال تتلوا أجيال.. وما العادات سوى أفكار ترجمها البشر على هيئة سلوك فانتظم هذا السلوك كعادات..

والشاهد هنا أنه مادامت العادة غير ثابتة فإن الفكر غير ثابت أيضا.. ولكل وقت آذانه كما يقال.. وبالتالي فحرية الرأي مكفولة.. إذا لا يحق للآباء منع الأبناء من صوغ أفكارهم وترجمتها لسلوكيات تنعكس لاحقا كنهج حياة لهم.. وما الآباء إلا ولاة أمر.. وما الأبناء إلا جيل يتبع جيل..

ولأن العادات أصلها سلوك، جاء من ظهر فكر.. فالفكر إذا لم يُمنع منذ سالف العصر والأوان..

لا أظن أنه قد يوجد أحكم ولا أعدل ولا أتقى من علي كرم الله وجهه ليخرج فينا ويفتي بغير حرية الفكر.. مادام هذا الفكر دنيويا خالصا لا يتعارض مع أن الله واحد أحد، وأن الدين لله الإسلام، تماما كما نقله محمد صلى الله عليه وسلم، وكما بينه القرآن الكريم..



الثلاثاء، 21 سبتمبر 2010

ثقافة الماسنجر



بقلم - أميمه العبادلة:

هناك مشكلة في مفهوم ثقافة الماسنجر وأصول التعامل معه عند الكثيرين.. الجميع يعتقد أن الماسنجر متاح أو يتيح لأي أحد كل شيء وأي شيء بكل سهولة..

لست أدري ما سبب تغافل الجميع عن تفهم كون الماسنجر ما هو إلا وسيلة للاتصال السريع والرخيص والتي لا تختلف أبدا عن الهاتف.. والهاتف النقال.. والذان لا نستخدمهما إلا للضرورة وفقط.. أي أنه ليس استخداما مشاعا ولا متاحا  لكل من هب ودب..

ربما كان سوء استخدام البعض لهذه الوسيلة أدى لانتشار الفهم الخاطئ والثقافة السلبية بين مستخدميه.. فالماسنجر مختلف كليا عن غرف الدردشة التي لا يستخدمها غير المراهقين وأصحاب العقد النفسية والكبت المجتمعي..

سألت صديقا وأنا أشكو له امتعاضي جراء تطفل "البعض" فأخبرني أن هؤلاء "البعض" وبمجرد رؤية اسم الشخص متاحا بلون أخضر فهم بذلك يعتقدون سلفا أنه كمن افترش الطريق أمام داره ودعا الجميع للجلوس معه للتسامر..

غريب حقا.. لكن وجود الشخص على الماسنجر متاحا ما هو إلا كالهاتف النقال عندما يكون مفتوحا غير مغلق ليستقبل المكالمات الواردة والمهمة متى وصلت.. ولا يعني ذلك أن يعمل الهاتف برنات متواصلة أو بخط مفتوح.. ولا يعني أيضا على أن نرد على أرقام مجهولة الهوية.. ولا يعني أننا تحولنا لموظف استقبال اتصالات وفقط.. هل يجب أن نكون على أهبة الاستعداد ومتفرغين تماما لأي اتصال وارد في كل الأوقات..؟!!

تساؤل مهم يخطر ببالي الآن: هل لأن الهاتف الأرضي أو النقال يعملان مقابل مبلغ مالي كفاتورة أو كروت الدفع المسبق فهذا هو الأمر الوحيد الذي يكبح مستخدميهما من التعامل العشوائي..؟!!

لنفترض جدلا أن شركة الاتصالات أطلقت حملة الاتصال المجاني لفترة ما.. هل يعني ذلك أننا سنتعرض لفوضى اتصالات عشوائية ممن نعرف وممن لا نعرف..؟!!

إلى أي كارثة ثقافية وصلنا..؟!! هل نحتاج في مدارسنا لمناهج تختص بالاتيكيت والسلوك الإنساني.. ومناهج خاصة تواكب الثقافة التكنولوجية التي نعيشها الآن..؟!!

سمعت تعليقا من خفيف الظل "جورج عزمي" ذات مره أن الناس من كثرة متابعتهم للتلفاز والمسلسلات بدأوا يظنون الدنيا مجرد تلفزيون كبير ولهم كامل الصلاحيات في متابعة أحداثه عن كثب دون استئذان مسبق أو حتى مراعاة لمشاعر الآخرين وخصوصيتهم..

هل انتشار برامج الواقع أدى لاعتقاد الناس وتعاملهم مع الماسنجر على سبيل المثال بهذه الطريقة الغريبة..؟!!

ما أؤمن به أن الماسنجر هو وسيلة سريعة ومريحة للتواصل المستمر بين الأهل والأصدقاء المقربين جدا جدا جدا ولضرورة عمل ملحة جدا وفقط.. ولتضعوا مليار خط تحت كلمة فقط.. مع العلم أنني لضرورات العمل أنزع للتواصل عبر الإيميل برسائل مكتوبة..

لا يعني، على سبيل المثال لا الحصر، أن فلان من الناس قريبي إذا فلا بد من إضافته.. عائلتي الممتدة يبلغ تعدادها ستة آلاف فرد.. هل من المنطق أن أقوم بإضافتهم جميعا..؟!! بالتأكيد وقطعا الإجابة هي لا.. قد نضيف فردا أو اثنين لشدة تميزهم فيكون التواصل حينها إثراء اجتماعيا وثقافيا وفكريا لنا دون شك..

ولا يعني أن فلان من الناس توصل لمعرفة بريد الكتروني عبر رسالة عامة على الشبكة العنكبوتية أن يقوم، بالضرورة، بإضافة صاحب البريد لمجرد تعارف أجوف.. فطبيعة عملنا كصحافيين، مثلا، تجعل من السهولة معرفة بيانات التواصل معنا.. وما هي معلنه إلا من أجل التواصل الهادف لعمل على سبيل المثال، أو لدعوة صحفية، أو لتكليف ما..

أيضا لا يعني كونك زميل عمل أن تفرض نفسك عنوة دون سابق استئذان.. لا أدري كيف لأحدهم أن يبدأ في مخاطبة شخص ما والتحاور معه وفرض ذاته على فراغ المساحة قبل أن يعرف طبيعة الشخص وطريقة تفكيره وما يناسبه وما لا يناسبه، وإن كانت هناك مساحة متاحة له أصلا أم لا..؟!!

قد يقول عبقري زمانه: من الأفضل أن يكون أيميلك سريا.. وقد يقول آخر لا تكوني في وضع متاح أو ضعي رسالة شخصية تفيد بانشغالك.. أو لا تستخدمي الماسنجر مادمتِ منزعجة منه.. ولكل هؤلاء أقول لا شأن لكم ومازلتم تتدخلون فيما ليس من شأنكم..

تنويه أخير فقط أنني لا أعني شخصا بعينه وإنما هي سلوكيات متناثرة استفزتني لابد من التنبه لها لذا كتبت عنها.. وفقط..