الاثنين، 25 يونيو 2012

مرسي عَ الكرسي.. وبعدين..؟!!



بقلم – أميمه العبادلة:

بعد مباركتنا لأتباع مرسي، وعدم تشفينا بأتباع شفيق أرى أنه مازال الوقت مبكراً جداً لنعطي رأي قاطعاً حول معنى فوز د. محمد مرسي رئيساً لجمهورية مصر العربية.. أو تحديداً حول الذي سيفعله ويقدمه لقطاع غزة، كما يأمل ويحلم أهل غزة..

بعيداً عن المراقبة والتخمينات والتوقعات والآمال العظيمة، فإن الأمر الجليّ دون مواربة أنه بالتأكيد لن يكون المخلص لنا في غزة من كل الخطايا والآلام التي استوطنتنا بفعل فاعل من أهلنا أو من غير أهلنا.. وأيضاً لن يكون هو المهدي المنتظر..

هنا، لن أتعرض للشأن المصري وما ينقص، وما يلزم، وما يعني، وما يعكس، وما يجب.. فمصر أدرى بشعابها واحتياجاتها من كل كُتَّابِ فلسطين وغزة.. وزملائي الرائعون في قطاع الصحافة المصرية لا يألون جهداً، ولا ينضب لهم حبر أو ينكسر لهم قلم.. وبالتالي سأكتفي بالحديث عن الشأن الفلسطيني أو الغزي تحديداً والذي ارتبط قسراً بالشأن المصري الحالي بناء على رغبة الساسة والجماهير عندنا..

منذ طفولتي وأنا أرى الفلسطيني فخوراً أنه الأكثر ثقافة ومعرفة ومتابعة لأخبار الشعوب، والأكثر حفظاً لأسماء الدول.. كنت أظن أنه يبحث عن عزاء له لعله يسمع من بين الأخبار أنباءً عن شعب محتل كمثل احتلاله فيهون بذلك على نفسه شيئاً من مُصابه..

ثم صرت أراه عن قرب أكثر وهو يدقق في خطابات الرؤساء عله يسمع منهم مجرد اسم فلسطين ليطمئن أنه يعيش فعلاً على ذات الكوكب معهم، وأن هناك من يعرف بأمر وجوده ومعاناته..

ثم اكتشفت كفر الفلسطيني بنفسه وإيمانه بقدرة الشعوب حوله.. وبمتابعته لأخبارهم وكان كمن يتنفس الصعداء وينتظر الغوث منهم.. ربما لأنه كان يرى كيف أن الشعوب حوله جميعها تعيش وهو وحده يموت..

هي الحقيقة الفلسطيني شخص كسول، بل إنه أكثر كسلاً وبطئاً من السلحفاة.. والفلسطيني، الذي أعنيه هنا، الكل من الوزير إلى الغفير..

اعتاد الفلسطيني أن يقطع رجليه ليثبت عجزه.. وأن يمد يديه ليعتاش أهله.. ولو تحدث لبكى وناح وعلق كل الهم على غيره.. فبريطانيا انتدبت وسهلت، والعرب تخاذلوا وقصروا وباعوا، وإسرائيل استولت واشترت.. وهو كطفل يتيم، فاغر فاه يراقب الذباب كيف يدخل ويخرج، وفقط..!!

كاذب ذاك الفلسطيني إن قال لك مللنا الشعارات والصريحات.. كاذب لو قال لك ما عادت تعنينا الكلمات.. كاذب لو قال ما عدنا سذَّج تغرينا معسول الخطابات..

بل هو كما هو، كلما تحدث صالح أو طالح عبر الإعلام تعلقت به الأفئدة، وزاغت لأجله الأبصار وكأنه النبي بعث فينا من جديد.. ويكفي السيد فلسطيني أن يسمع كلمة فلسطين ليتولد بداخله الحنين، ويتعاظم في قلبه الشوق، فينسيه كل ما مر عليه من الشوك..

جيفارا، شكري القوتلي، الملك فيصل، نهرو، كاسترو، بو رقيبة، صدام حسين، حسن نصر الله، ملالي إيران، شيراك، عبد الناصر، السادات، مبارك، كارتر، كلينتون، أوباما، وحتى هتلر تمنوا لو أنه ما مات ليخلصهم من الظلم.. وجميعهم أمطرونا بوابل من القبل فقط لا غير..

والآن مازال مسلسل السذاجة يتكرر، حل دور التعلق وربط الآمال بمرسي، فوزعت غزة الحلوى وأطلقت المآذن التكبيرات والتهليلات وكأننا حررنا القدس..

عفواً.. أقصد وكأنهم حرروا لنا القدس.. على اعتبار أننا قُصَّر ونحتاج دوماً لوصي يقضي لنا حوائجنا..

أي خيبة هذه..!! والله إنها لخيبة عظيمة.. لست مكترثة كثيراً إن فاز مرسي أو شفيق.. فلست مع هذا ولا ذاك.. أقصد، أعلم أن كلاهما لنا سواء، فلقد حفظت درس الانتخابات الرئاسية التي نتعلق بها حول العالم.. وجميعها لا تأتي لنا إلا بمزيد من خيبات أمل..

أتمنى أن يكون لمرسي دور فعال، لكنني بصراحة لست متفائلة لحد "الهبل" كما يفعل الجميع حولي.. ليقيني أن لا أحد سينفعنا إلا الله ثم أنفسنا فقط، فما حك جلدك مثل ظفرك كما يقول المثل العربي..

وأؤمن أن من تعلق بعبد من عباد الله، وكله الله إليه فأضله بضلاله ولو بدا له ذو صلاح وتُقى.. أما من تعلق برب العباد، أنجاه الله من كل الضلال والمهالك..

فتوقفوا عن تقديس البشر والتهليل لمن لم ولن تعرفوه، واسألوا الله خير أقداره، وكفى بالله لكم حسيباً وعليكم وكيلاً..

الأربعاء، 20 يونيو 2012

خصوصية مقدسة



بقلم – أميمه العبادلة:

إن الحفاظ على الخصوصية المزدوجة بين شريكين في عمل أو حياة مهمة صعبة جداً.. إلا أن ضرورتها تحتم على كلا الطرفين تقبل مبدأ الكتمان مصحوباً باحتمال تكبد كافة الصعاب ابتداء من التنازل عن البوح بالحلاوة أو المرارة التي قد تغلف تلك العلاقة، وانتهاء بسرد أي تفاصيل تشير أو تدل من قريب أو بعيد بمباشرة أو مواربة لجزء أو لكل.. لا لشيء سوى للحفاظ على كينونتنا بما يليق بنا في عيوننا وفي عيون الناس أيضا دونما أي تشهير..

المشكلة أننا ننسى ونصفح ونسامح وتسير الأمور.. وحتى لو أنها ما سارت فإن الزمن كفيل بمحو قبيح، والاحتفاظ بجميل حتى لو كان ذو قدر يسير.. وما الاحتفاظ بيسير من جميل ذكرى سوى جرعة ماء مالحة تقينا الموت عطشاً في صحراء قاحلة..

إن الناس حولنا للأسف لا ولن تنسى.. أقرب الأقربين كانوا منا أو أبعد الأبعدين.. فقبيح القول والعمل يظل ملازما لنا في تصورهم عنا أو عن شركائنا.. تماماً كأول كلمات تفوهنا بها في لحظة شيطانية من غضب.. وغالبا ما يكون الغضب صديقاً ودودا للتحريف والمبالغة، فيتشوه الشريك بالضرورة، نتيجة لثورة غير مسئولة عن نوع الحمم المتناثرة جزافا من براكين نار لا يعلم درجه حرها في الصدور سوى الله..

وفي حال اتهامنا الآخر جهاراً، فعلينا أن نخضع برضى لمعادلة تساوي كفتي الميزان العادل بأن نفسح المجال للشريك أن يعبر عن رأيه جهاراً هو أيضاً كيفما شاء دون رفض أناني منا، فنحن من بدأنا وعلينا أن نتحمل نهايات تلك البدايات..

ولا لوم على الشريك فيما قد يقول وحجم ما قد يقترفه من خطأ، فتهورنا منذ البداية هو من أفسد الجدار المقدس الملتف حول خصوصيتنا بثغرة تسرب منها ما تسرب..

الثلاثاء، 19 يونيو 2012

هل الصمت عامي أم فصيح..؟!!


بقلم - أميمه العبادلة:

للصمت لغة قوية الحجة والتعبير والتأثير، لكني لا أفكر في الصمت كصمت، بل في كونه لغة خاصة جداً، الجميع يتقنها ولا يتقنها في ذات الوقت..

واللغة المحكية ، كما نعرفها، عربية كانت أو صينية أو فارسية إما أن تكون فصيحة قوية وبليغة، أو أن تكون عامية خفيفة يتقنها عموم الناس.. أما الصمت فلغة مختلفة، بمفردات أكثر عمقاً وروعة من أن أظلمه وأخنقه في بوتقة العامي والفصيح..

إنه صوت الفراغ الصاخب بلا حروف، بل بإشارات حسية، وإعمال خيال، وإيماءات أعين، ودقات قلب، ورجفة قلق.. وغيرها.. وكلٌّ وصمته، وكلٌّ وقصده، وكلٌّ وعمق إدراكه..

اللغة ببساطة وسيلة مواصلات متاحة للجميع، لك أن تمتطي ما شئت منها بما يتناسب وقدراتكَ على القيادة، أو بما يتناسب وإمكاناتك المادية لتطويع اللغة..

وبالتالي لا عجب في أن تجد من يتبع طريقاً طويلاً ملتفاً ومتعرجاً وممتلئاً بالمطبات، أو أن تجد آخر يحلق في سماءك بسرعة البرق، فتصيب صاعقته الهدف فيشتعل وتشتعل معه..

أما الصمت فهو شأن آخر.. إنه ضالة منهكي الألسن، ومنكسري الأقلام ، ومتكسري الأجنحة.. لا يحتاج لرحلة ولا راحلة، ولا زاد، ولا لزمان أو مكان.. إنه يقتات على الصبر ممن تحدثه، أو بتعبير أكثر دقة، إنه يلتهم الصبر، ويستنفذ قواه فيصيب غريمك في مقتل..

إنه باختصار لغة تفوق في بلاغتها الفصحى، وأكثر سلاسة من العامية..

الثلاثاء، 5 يونيو 2012

يا للنكسة ..!!


بقلم - أميمه العبادلة :

- ما الجمع..؟!! وما الخطب..؟!!

- كالعادة لا يجتمعون إلا على أطلال ذكرى..

- أي أطلال وأي ذكرى..؟!!

- ذكرى النكسة .. التي تلت النكبة.. التي تلت الخيبة..

- كم عامٌ مرَّ على ذكرى النكسة..؟!!

- ما مرَ عمر ولا عام ولا شهر ولا حتى برهة.. النكسة ما مرت، ولا مررنا.. النكسة استوطنتنا.. توقف العمر وتوقفنا..

- ظلم إذا إفراد يوم للنكسة.. مادامت كل الأيام نكسة..!!

- فعلاً، كل الأيام نكسة.. لكننا نتكسب من أيام الذكرى، وتقنينها أياماً لتحليل كسب مشروع منها.. فلو وسمنا كل الأيام بذكرى لاتهمونا بالفساد، ولانكشف غطاء الستر عنا..

- نتكسب..؟!!

- نعم، من أول بائع الأعلام، وصاحب المكتبة، والخطاط، وبائع الترمس، والعصير، والمصور، ومراسل الصحيفة، وسائق الأجرة، وبائع الأحذية، والمحلل بحفنة دراهم على الفضائيات، وشركة الخليوي، والشحاذ، وبائع المناديل، وإصبعي النصر لذاك الناشط، وصاحب المؤسسة، والسيد النائب.. أتذكره كانت بذلته الجديدة جميلة ذاك اليوم في الصورة.. والسيد الوزير، والسيد الرئيس.. حتى عامل النظافة بعد أن يكنس آثار هؤلاء جميعاً..

تخيل معي لو أن المشهد تكرر كل يوم، لكان إهدارا للمال العام.. تكفينا من العام ذكرى بألف يوم..


الاثنين، 4 يونيو 2012

لعدم كفاية الأدلة



بقلم – أميمه العبادلة:

"القاضي معذور مفيش أدلة" هذه الجملة، المخدر، تتردد بكثافة بعد محاكمة الرئيس المخلوع حسني مبارك والتي أسفرت عن مؤبد قابل للطعن نتيجة لقتل الثوار.. والبراءة من تهم الفساد المالي والإداري له ولأولاده ومعاوني حبيب العادلي..

بالطبع لست دارسة للقانون، غير أن اعتراضي على الجملة الأولى كمبرر لتخفيف الحكم الذي صدر بشكل صادم للجميع، لا تقنعني، ولا أفهمها سوى كإبرة مسكنة للوجع الذي جثم على صدور أمهات ثكلى وآباء مكلومين..

سأحاول تفسير الأمر كما أراه، قد أصيب وقد أخطئ، غير أن الأفكار بعقلي تسري مسرى النمل بأرض سليمان، وأخشى أن تتحطم آخر الآمال ببلوغ المنى من ثورة الربيع العربي الذي لم نرى منه سوى خريفاً متساقطاً لشهداء تلو شهداء.. وخيبات تلو خيبات..

وإن كان حديثي المسيطر عما يحدث في مصر ليس سوى لأن مصر أم الدنيا، وحري بأولاد أو الدنيا أن يشبهوها ويتبعوها في كل ما تفعل.. فالستر يا الله مما يتبع..

أبدأ بالديباجة الطويلة التي أتحفنا بها سيادة المستشار أحمد رفعت، والتي ملأت نفوس مستمعيها بنشوة النصر العارم للثورة.. وكأنه صلاح الدين يزف لنا فتح القدس وهزيمة المجوس والفرس..

خطبته التي سرقت من أعمارنا عشرين دقيقة أضفناها حبا وكرامة بسذاجة في ذات السلة لحساب قديم سلبوه منا منذ ثلاثين عاماً، ما كانت سوى استعراض مسرحي لينال اسمه ورسمه وصوته ولقبه كفايته على شاشات الفضائيات المتابعة، وليرسخ فينا دون أن ندرك مذهب التلقين والتحفيظ وسرد الخطب العصماء والشعارات الرنانة والأعيرة "الفشنك"، والتي على ما يبدو كانت كبرزخ سيصل ماض بمستقبل يشبهه..

تلاها النطق بالحكم، والذي جاء على مبدأ هل آتيكم بالخبر السيء أولا أم أثلج صدوركم بخبر جميل وندع الكارثة للنهاية فيخفف أحدهما وطأة الآخر..

تغلفت الديباجة ضمناً بنقص الأدلة والإثباتات.. وانتهى "الحاكم بأمر الله" بعد نطق الحكم بخاتمة مفسرة لما نطق به حقاً أو زورا وبهتانا..  كانت خاتمته كمن زاد الطين بلة.. وهي أنه غلبان مسكين اجتهد ولم يجد ورقاً حكومياً مختوماً وموقعاً يؤكد ما بدا من التهم.. وأن بعضا مما وجده قد تقادم وأسقط عن المتهمين تلك التهم..

بصراحة لست أجد من عقلي عقلا لطفلة صغيرة كي تنطلي عليَّ هكذا حجة.. ولن أبالغ وأقول أن الأطفال أيضا سيدركون، فلست محتالة إلى هذا الحد لأقنعكم بما ليس صواباً، ولست أيضا داهية من دواهي الزمان كي أمتلك عقلية خارقة في طفولتي..

المهم، ولب الموضوع أنني أستوعب أن يحتج القاضي بهكذا حجة لو كان المتهم لصاً مغموراً أو قاتلا مأجورا، لم يره القاضي في حياته كلها سوى يوم المحاكمة.. فسيكون المسكين حينها حقاً مضطراً أن يلجأ للأوراق والشهادات والإثباتات التي تدينه أو تبرئه..

أما أن يكون المتهم شخصية يعرفها القاصي والداني، وسلوك حكمة وظلمه أو عدله واضح ظاهر بائن كشمس لا يخفيها غربال، والأدلة أظهرها الإعلام بصوت وصورة والمدَّعُون بالحق المدني شعب بأكمله، ثم يقال أين الإثبات فهذا عجب عجاب..!!

ولمن يود تذكيري بأن هذا ما نص عليه القانون في دساتيره، فأذكره بأن يا سيدي هذا القانون وضعي من فعل بشر مثلنا أو أغبى منا.. والبشر يصيبون ويخطئون.. وقانون وضع في فرنسا في ثلاثينات القرن الماض لا يتلاءم بالمطلق مع حالة عربية في القرن الحالي..

من وضع القانون البشري وطبقه أراد راحة الناس وضمان أمنهم وإعلاء مصلحتهم كي لا تضيع الحقوق.. ومتى ما أضاع القانون حقاً أو فرط في أمن فهو بالضرورة انتهت صلاحيته وأصابه العطب واستوجب على الفقهاء فيه تغيره..

أعجب من أن العالم العربي زاخر بألقاب على شاكلة الدكتور فلان من فقهاء القانون.. وأيهم لا يجرؤ على التفكير في مدى صحة القانون وصلاحيته أو تعديله أو ابتكار جديد بديل عنه بما يتناسب مع هذا الزمان وأحواله، وهؤلاء القوم وأطباعهم..

ليست القوانين قرآنية ولا كنسية حتى لا تُمس لعقيدة ارتكازها على شريعة إلهية مقدسة.. رغم أنها وهي بكامل قداستها قابلة للتجديد ومفتوح باب الاجتهاد فيها.. فما بال البشرية الخطاءة مقدسة قداسة زائفة..

وهذه المشكلة عامة في كل العالم الثالث المتخلف، لا في مصر وحدها.. وبصراحة لا أجد تفسيراً لذلك سوى أن القضاء تابع تبعية "بنت كلب" للحكومات العربية التي أعجبها حجم ما فيه من ثغرات، وللإمكانية الهائلة من خلاله لإحكام القبضة على الشعوب الساذجة.. وبالتالي جمدت العقول الفذة التي قد تصلحه واشترتها بالمال أو اعتقلتها..

في النهاية نصبر أنفسنا كذباً أو صدقاً لست أدري بأنه يكفينا أن رأينا المدانين في قفص الاتهام، وتكفيهم المهانة التي أحاطت بهم أمام العالم كله، أو كما يقال عن أسد سوريا يكفيه ما سيكتب التاريخ عنه، وكأن عيون الآباء التي لا تنام والأطفال التي تباد في مجاز جماعية الآن تكترث لتاريخكم اللعين ماذا سيكتب أو من سيقدس.. رغم يقيني أن التاريخ عن بكرة أبيه كذب في كذب، ومن كانوا كتبوه كانوا يقصدون التهويل وتنميق الوقائع وتلميع الزعماء.. الزعماء الحقيقيون اغتيلوا غالباً كجيفارا والملك فيصل وغيرهم..

وأصمت متى ما تذكرت أنه لا جدوى من كل الكلام مادام حتى حقنا بالكلام مدان ومصادر وسهل إثباته جداً.. بل وقد ندان بلا أدلة أصلاً.. وأنتهي بمباركة لا بد منها بأمر القضاء.. مبروك البراءة أيها الفاسدون بأدلتنا نحن لا بأدلة القضاء..!!

السبت، 2 يونيو 2012

أنا أطمع في الرئاسة


بقلم – أميمه العبادلة:

مضت فترة، بعد الثورات العربية خبت فيها رغبتي في أن أسعى وأجتهد وأطور خبرتي كي أكون وزيرة ربما أو ذات منصب سيادي.. كنت قد وصلت لقناعة أن هذه المناصب تدعو للشبهة والريبة ومصيرها دوماً سيكون السجن وبئس المصير..

وأعلنت حينها أنني قد طلقت حلمي طلقة بائنة بالثلاثة.. وأنني سأخلعه أيضا زيادة في التوكيد، ودرأ للشبهة حتى لا تطالني يد قضاء بالمحاكمة.. وقررت أنني سأطالب حلمي ذاك بتعويضات ونفقات لا قِبَل له بها إن راودني مجدداً..

ومرت سنة بطولها وعرضها لم تهدئ بداخلي هذه الرهبة من كل المناصب المسئولة، وإن كانت مجرد مسئولية لقسم بائس لا يعرفه أحد..

لكن انتعاشاً غير متوقع هب على مسامعي وروحي كالنسيم فأيقظ الحلم فيَّ من سباته ومنفاه..

محاكمة مبارك وأبناءه ومساعدو الوزير اليوم، أعادت لي سابق فكرة أغرتني وبشدة هذه المرة للطمع بمنصب سيادي..

نطق القاضي، متوازنا، الحكم بالمؤبد لمبارك على التواطؤ في قتل المتظاهرين.. وأعقبه، سريعاً، بالحكم بالبراءة من التهم الموجهة له ولأبنائه بالفساد والتكسب والتعاون والتسهيل مع موظف حكومي..

مبروك البراءة يا ريس.. "دا أنت رئيس والنعمة كويس"..

عن نفسي لم يتبادر إلى ذهني جراء هذا الحكم سوى شيئاً واحداً:
 كن رئيساً، أو وزيراً، واحكم وتجبر، واستبد، وخالف الأنظمة والدساتير وامكث في الحكم بدلا من الأربعة أربعين أو يزيد، واسرق وانهب من قوت الشعب كما تشاء..

لكن متى ما حلت بأرض حكمك مظاهرة، أو ثورة فارحل أنت وما غنمته من مال الغلابة بسلام دون طويل تفكير.. وإياك ثم إياك أن تريق نقطة دم واحدة وإلا حكم عليك بالمؤبد، صورياً في غالب الأحيان.. أو فعليا في سجن فاره بدرجة قد تتجاوز الخمسة نجوم يا مسكين..

وبما أنني وجدت الوضع سهلا ومريحا كما لم أتوقعه من قبل بأفقي الضيق الساذج، فإني الآن ارتأيت أن يكون مبلغ همي الوصول للرئاسة لا مجرد الوزارة.. امتثالا للمثل الشعبي: "إن سرقت فاسرق جملاً"..

هذا الحكم أظنه أثلج أفئدة الزعماء والوزراء العرب جميعاً فلا كوابيس ستؤرق مضاجعهم بعد اليوم ولا مضاجع من سيليهم أيضاً.. فمصر كما أنها كانت قبلة للعالم العربي في كل شيء إبتداء من السينما وانتهاء بالدساتير، فإن جينات التقليد المتوارثة في العالم العربي لن تكون طفرة عما جرى، بل ستتبعه حتى لا يقال عن المولود كان ابن سفاح لا يرث..

وأيها الشعب الغلبان، منذ مولدك وحتى مماتك، اعلم أن ثورتك كانت تكسباً على كاهلك إعلامياً وسياسياً واقتصادياً واجتماعياً..

ضحكوا عليك إذ قالوا بك أيها الشعب آمنا وإلى رغباتك احتكمنا وللديمقراطية طبقنا.. ولكم في الانتخابات وإعادتها أسوة حسنة..

فلم تكن الديمقراطية الانتخابية ديمقراطية صرفة لمجرد أن الناخب وصل إلى اللجنة، وقام بتلطيخ إصبعه بالحبر الأزرق، ثم اتكأ به على ورقة، ووضعها في صندوق لأحد المرشحين بمحض إرادته "في حينها"..؟!!

فالديمقراطية منهج كامل في ذاته من نقطة الصفر وحتى لحظة الوصل المنشودة، بحياد وموضوعية..

الجميع كان بارعاً، في حملته الانتخابية، في حرف مسار التفكير عن الجميع عداه.. بالإضافة للنكات التي استخدمها المصريون ببراعة، وكانت مؤثرة في غالبيتها.. فأين الديمقراطية مع وجود عامل التحريض المبطن..؟!!

وبعد أن حصل ما حصل وانحصرت الخيارات جميعاً فيما بين الشيخ مرسي والفريق شفيق.. أين الديمقراطية في الإجبار للمرة الثانية..؟!!