بقلم – أميمه العبادلة :
حقا يضحكني الحب وحال المحبين حينما أتفكر فيه وفي أحواله.. تجدنا مأخوذون تماما بمن نحب مهما كانت الظروف ومهما كانت أحوالهم تزعجنا.. ودائما نجبر أنفسنا على تصديق كل المبررات فقط لأننا نحبهم.. لكن الطامة الكبرى حقاً عندما لا يدرك الشريك مكانته الحقيقية، ولا يأخذ الموضوع بشكل جاد جداً.. وحينما ينزعج نجده يؤثر الرحيل لعدم احتماله شكوى الطرف الثاني..
عندما تذهب إحدانا إلى شريك حياتها لتشكو له تصرفاته يكون قصدها أنها مهتمة حقاً لهما، وتريد أن تنبهه لمواطن خلل ليتجاوزها ليحافظا على كينونتهما سويا.. لا لكي يغضب من أنها لا تقدر كل ما يفعله في سبيل إسعادها.. أحيانا يكون الحب، أو احتياجات الأنثى متمثله في أمور أقل ما يقال عنها أنها تافهة، ولكن الرجل بعقليته العملية لا يمكنه مهما حاول الوصول لتفكيرها الحسي البحت.. وهنا تنشأ مشكلة وعبارة [ لا يمكن إرضاء المرأة ].. لأنه لا يستوعب طلباتها..
مثلاً قد تطلب الأنثى من رجلها طلبا بسيطا جدا كأن يجلب لها وردة حمراء من الحديقة كل يوم بعد رجوعه من عمله.. بالنسبة لها ولعقلها الحسي البحت: ( رغم انشغاله وتعبه تذكر أن يمر على الحديقة.. وتذكرني.. والوردة رمز حب مشتعل في قلبه تجاهي )..
الوردة تساوي ملايين لأنها تحوي مليارات المعاني. فهو بذلك يكون قد: تذكرها، وتذكر طلبها، والوردة رمز الحب، والحمراء تحديدا رمز حب مشتعل، ورغم إنهاكه إلا أنه آثر النزول للحديقة ليقطفها من أجلها.. إذا هو يحبها جدا..
أما بالنسبة لمولاي الرجل فالأمر مختلف.. قد يبتسم عند سماعه طلبها هذا ويعدها ببستان ورود.. سيذهب طبعا إلى عمله وسينسى أمر الوردة كليا.. قد يمر خلال عودته من العمل إلى السوبر ماركت ويجلب أمورا كثيرة يحتاجها المنزل، أو قد يبتاع لها عطرا فاخرا، أو لعله إن كان مقتدرا ماليا مر على الصائغ وابتاع لها خاتماً، وفي باله ستطير فرحا من هديتي..
يصل إلى البيت فتستقبله أنثاه بلهفة وشوق وهي تبحث بعينيها عن أي أثر لوردتها الحمراء التي سرحت كثيرا أين وكيف ستضعها؟! وكيف ستذبل وتجففها كي تبقى ذكرى للأبد؟! وكيف أن هذه الوردة ستغدو مع الزمن باقة بل باقات..!
والرجل الغلبان نسي الموضوع تماما.. وفي باله هناك أغلى من الوردة.. هناك خاتم ثمين.. وعطر فاخر.. وكثير من مستلزمات المنزل..
انتبه عزيزي أنت خيبت أملها..!! الخاتم يشعرها أنها سعلة، ومخلوق دون إحساس موجود معك لأنه طامع في مالك.. وهذه كارثة بالنسبة لها، لأنها تحبك ولا تستطيع البعد عنك حتى لو صرت شحاذاً.. فأنت من يهمها لا مالك..
بالعطر أيضا هي سلعة.. لأن للعطر مدلول جنسي، وهو أنك تشتهيها جسدا ولا تولي اهتماما لأحاسيسها وهذه مشكله أخرى..
أما مستلزمات المنزل فهي الطامة الكبرى.. فأنت بذلك تكون أناني ومستهتر كل همك منصب على معدتك وفقط.. وهي عندك مجرد جارية لا أهمية لها أو لمشاعرها.. وستنشأ مشكلة طويلة عريضة بسبب عدم فهم طبيعة الآخر وتفكيره..
صدقني يا رجلي لو أنك معدم واكتفيت بوردة طبيعية حمراء من الحديقة لأشعرتها بحب عظيم لها ولوفرت على نفسك مشكلة طويلة عريضة قد تكون نهايتها الفقد..
لا المرأة يمكن أن تقنع الرجل بنظريتها تلك، ولا الرجل يستطيع أن يستوعب فلسفة المرأة في الحب.. هو: سيبدأ بالتذمر: ( كل ما أفعله من أجلك، وكل ما أجلبه لك.. الخ ).. المشكلة هو منزعج لأنها لا تقدر مجهوده، وتتهمه بالتقصير معها..
وهي: يزداد امتعاضها من كلماته لأنه يُشعرها أنه يمن عليها بما يصنع.. أي لا يفعل ذلك بدافع الحب وكأنه مجبر معها.. فيزداد الطين بلا وتزداد الأمور سوءا..
فتجدها تريد التأكد من شك يعتمل داخل نفسها فتطلب الفراق - لأنه من وجهة نظرها لا يحبها - فمن يحب لا يتذمر، ولا يشكو، ولا ينسى، فيوسوس لها عقها أنه لا يحبها.. وما من سبيل أمامها إلا أن تلقي بالطعم له إما أن يلتقطه ويوافق على الفراق فيثبت صحة شكوكها، أو أن يثبت لها أنه مازال يحبها ولو بمجرد كلمة [ أحبك ]..
هو: يسمع كلماتها هذه فيستشيط غضباً ويخبرها بموافقته وقد يقفل الباب ويخرج.. ببساطه هو منزعج من أنها لا تفهمه.. لكن تصرفه هذا معناه [ ما صدق ] وكأنه كان يتحين الفرص..
كلاهما الآن يحدث نفسه أن الآخر لا يحبه ولا يقدر.. وكلاهما يبدأ جدياً في التفكير بالفراق لأن أحدا منهم لا يستطيع فهم الآخر ولا يستطيع أن يرضيه..
لو أنكَ فقط جلبت الوردة والله لأسكنتك المرأة فسيح جناتها.. ولكن أكثر الرجال لا يعقلون..
وتبدأ دوامة الفقد التي تكون شديدة جدا بالنسبة للمرأة.. فقد فطر الله الرجل على حب التعددية في النساء أما المرأة لا تستطيع إلا أن تحب واحدا وفقط.. ودون مبالغة تشعر أن الحياة انتهت بعده..
لماذا لا يستوعب الرجال أن ما يسعدنا حقاً أمور بسيطة جدا كوردة حمراء أو رنة موبايل مثلاً..؟!