السبت، 21 أبريل 2012

ذئب المصالحة



بقلم – أميمه العبادلة:

من منا لا يذكر قصة الراعي الكاذب الذي ظل يلهو بمشاعر أهل قريته ثلاث فترات متتالية.. وفي كل مرة كان يستنزف مشاعر الخوف والشفقة بداخلهم، كلما صاح منادياً: "الذئب يا قوم، الذئب يا قوم"..!

وكانوا كلما هبوا لنصرته، استلقى على ظهره يضحك ويسخر من طيبتهم، ومناصرتهم، وحبهم له، وصبرهم على أذاه.. حتى جاءته النهاية، فوقع في شر أعماله.. جاءه الذئبُ، صدقاً، وأكل كل خرافه.. وما أظن الذئب تركه إلا اشمئزازا من سذاجته وسماجته..

أخبار المصالحة الفلسطينية لا تختلف مطلقاً عن هذه القصة.. فالراعي السمج يلوك أخبارها السعيدة على مسامعنا كل يوم كي نتخدر أملاً بقربها، ولنبيت ليلنا هادئين نحلم بفجرها يطل علينا..

وما أن يطلع الصباح حتى نضحك من حالنا المر ألما، ونجر ذيول خيباتنا المتتالية من حكومة تتبعها حكومة، ومن مسئول يعقبه مسئول، ومن تصريح يعقبه تصريح..

ولتتأصل الحسرة فينا، فجميعهم (المسئولين) كحبات المسبحة، معلقون بخيط واحد، ويتشاركون اللون السياسي ذاته، وبذات الطباع النهمة لتملك المال والسلطة على حساب الشعب، الذي لا حول له ولا قوة.. وأي منهم لا يجلب لنا أي حسنات بتكراره.. فحسناتهم جميعها بدعه..!

والذئب، مبتهج يهلل: "وافرحتاه براعيكم الأمين ومستنسخه المنشطر عنه".. ويستمر، على مهل، يفترسنا أطفالاً وشباباً وشيوخاً وأرضاً وعِرضاً وأحلاماً..

عجباً، ألهذه الدرجة تجردتم من الإحساس بنا شعباً وأرضاً..؟!! أراضون عن ذاتكم إلى هذا الحد بحقنا..؟!!

لا عجب أن لا أحد من العرب يناصرنا.. حتى أنهم ما عادوا يهتمون لمتابعة أخبارنا.. مادام قادتنا يكذبون عليهم وعلينا بشأن المصالحة.. وتقريباً يعتبرون جرات القلم على صفحاتها، بتوقيعاتهم الخالدة، مجرد "تبرئة عتب" كما يقال..

أو أضف إليها انتفاع من إقامة مجانية في استراحات رئاسية فاخرة.. وأخبار تطرب مسامعهم بفخامة الرئيس جاء وفخامة الأمير ذهب..

ألا تبا لكم.. يا سيدي أنت وهو لا نريدكم.. والله لا نريدكم، ولا نريد مصالحتكم التي تعفنت أوراقها وبنودها وآمالها في نفوسنا..

يكفي أنكم أضعتم من عمرنا ما أضعتم.. لا نريد حاكماً نزقاً نستجديه ليرضى.. نريد حاكماً يدفع من عمره لنحيا..

لا نريد حاكماً يتاجر بعمرنا وآمالنا.. لا نريد حاكماً احترف الكذب وما عاد يخجل منه..
أما الذئب فنحن كفلاء به عنكم، والتاريخ نطق بذلك قبل أن نراكم في سدة الحكم.. فلا بوركتم ولا وليتم علينا بعد اليوم..!


هناك تعليق واحد:

علي محمود الكاتب يقول...

أسعد الله جميع اوقاتك
أحييكِ بداية على هذا المقال الواقعي والمعبر عن حالنا ، ودعيني اضيف بعضاً من وجهة نظري والتي نشرتها في احدى مقالاتي :
نعم لقد بدت الحقيقة واضحةً للجميع شرقاً وغرباً، فلا هم يريدون المصالحة ولا المصالحة تريدهم ! لأن الأمر برمته وبحساب بسيط قد يجريه أطفال روضةً ، شأن يتعارض مع مصالحهم الشخصية من جهة والفئوية من جهة آخر !
فهم قوم يجيدون الهروب السريع والبحث عن الذرائع، فلا تستمع منهم الا لوعود كاذبات وصراخ ، وتصريحات يشوهون بها حقيقة الخلاف بل ويطربوننا صباح مساء ومن فوق المنابر بأن الله ورسوله وملائكته قد حثوهم على الوحدة وأنها خيار استراتيجي !
لا ندري إذا كانت للإستراتيجية مفاهيم جديدة خارج فهمنا وفهم كل العالم، أو أنها تعني بزمانهم المماطلة والتسويف ؟!
ولا ندري أيضاً والحال هكذا ، لمتى سيعيشون الحلم ، بأننا شعب غبي وأننا سنصبر على الانقسام وتبعاته الى مالا نهاية طالما أن العصي والكذب هما الناطق الرسمي ؟!
وكم من الوقت يحتاجون ليقولوا الحقيقة وعلنية لهذا الشعب الصامد، بان المصالحة ليست ضمن جدول أعمالهم الحالي ؟!
========================
تقبلي سروري وسعادتي لمروري هنا
علي محمود الكاتب